وقال في خبر المسيح:{وَإِذْ أوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأنَّنَا مُسْلِمُونَ}[المائدة: ١١١] .
وقال فيمن تقدم من الأنبياء:{يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا}[المائدة: ٤٤] .
وقال عن بلقيس أنها قالت:{رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[النمل: ٤٤] .
فالإسلام يتضمن الاستسلام لله وحده، فمن استسلم له ولغيره كان مشركاً، ومن لم يستسلم له كان مستكبراً عن عبادته، والمشرك به والمستكبر عن عبادته كافر، والاستسلام له وحده يتضمن عبادته وحده وطاعته وحده.
وهذا دين الإسلام الذي لا يقبل الله غيره، وذلك إنما يكون بأن يُطاع في كل وقت بفعل ما أمر به في ذلك الوقت، فإذا أمر في أول الأمر باستقبال الصخرة، ثم أمر ثانياً باستقبال الكعبة، كان كل من الفعلين حين أمر به داخلاً في دين االلإسلام، فالدين هو الطاعة والعبادة له في الفعلين، وإنما تنوّع بعض صور الفعل وهو وجهة المصلّي، فكذلك الرسل دينهم واحد، وإن تنوعت الشرعة والمنهاج والوجهة والمنسك، فإن ذلك لا يمنع أن يكون الدِّين واحداً، كما لم يمنع ذلك في شرعة الرسول الواحد.
والله تعالى جعل من دين رسل أن أولهم يبشر بآخرهم ويؤمن به، وآخرهم يصدق بأولهم ويؤمن به، قال تعالى:{وَإِذْ أخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أأقْرَرْتُمْ وَأخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ}[آل عمران: ٨١] ، قال ابن عباس رضي الله عنهما: لم يبعث الله نبياً إلا أخذ عليه الميثاق لئن بُعث محمَّد وهو حيّ ليؤمننّ به ولينصرنه،