الذات مماثلة للذوات لم يكن في إثبات الصفات إثبات مماثلة له في ذلك، فصار هؤلاء الجهمية المعطلة يجعلون هذا توحيداً، ويجعلون مقابل ذلك التشبيه، ويسمون نفوسهم (الموحدين) .
وكذلك النوع الثالث، وهو قولهم هو واحد لا قسيم له في ذاته، أو لا جزء له، أو لا بعض له لفظ مجمل، فإن الله سبحانه وتعالى أحد صمد لم يلد ولم يُولد، ولم يكن له كفواً أحد، فيمتنع أن يتفرق، أو يتجزأ، أو يكون قد رُكِّب من أجزاء، لكنهم يدرجون في هذا الفظ نفي علوه على عرشه، ومباينته لخلقه، وامتيازه عنهم، ونحو ذلك من المعاني المستلزمة لنفيه وتعطيله، ويجعلون ذلك من التوحيد.
فقد تبيّن أن ما يسمونه (توحيداً) فيه ما هو حق وفيه ما هو باطل، ولو كان جميعه حقاً، فإن المشركين إذا أقروا بذلك كله لم يخرجوا فيه من الشرك الذي وصفهم الله به في القرآن، وقاتلهم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، بل لابد أن يعترفوا بأنه لا إله إلا الله.
وليس المراد بـ (الإله) هو القادر على الاختراع، كما ظنّه من ظنه من أئمة المتكلمين، حيث ظن أن الإلهية هي القدرو على الاختراع، وأن من أقرّ بأن الله هو القادر على الاختراع دون غيره فقد شَهِدَ أنه لا إله إلا هو، فإن المشركين كانوا يقرُّون بهذا وهم مشركون، كما تقدم بيانه، بل الإله الحق هو الذي يستحق أن يُعبد فهو إله بمعنى مألوه، لا إله إلا هو، فإن المشركين كانوا يقرُّون بهذا وهم مشركون، كما تقدم بيانه، لا إله بمعنى آله، والتوحيد أن يُعبد الله وحده لا شريك له، والإشراك أن يجعل مع الله إلهاً آخر".
معاني الكلمات:
المتكلمون: هم الذين يتعاطون علم الكلام المذموم كالجهمية والمعتزلة والأشعرية وغيرهم.
أهل النظر: هم الذين يوجبون النظر العقلي لإثبات الربوبية، فقالوا: أول واجب على العبد النظر أو القصد إلى النظر، وهم طوائف من الأشعرية والماتريدية.