للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {ا?لر لكِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * ألا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ * وَأنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أجَلٍ مُسَمًّى} [هود: ١ـ٣] .

وفي الحديث الذي رواه ابن أبي عاصم وغيره: "يقول الشيطان أهلكت الناس بالذنوب، وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار، فلما رأيت ذلك بثثت فيهم الأهواء، فهم يذنبون ولا يتوبون؛ لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً١.

وقد ذكر الله سبحانه وتعالى عن ذي النون أنه نادى في الظلمات: {أنْ لا إِلَهَ إِلا أنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: ٨٨] ، قال تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: ٨٧] ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعوة أخي ذي النون ما دعا بها مكروب إلا فرَّج الله بها كربه"٢.

وجماع ذلك أنه لابد له في الأمر من أصلين، ولا بد له في القدر من أصلين، ففي الأمر عليه الاجتهاد في الامتثال علماً وعملاً، فلا يزال يجتهد في العلم بما أمر الله به، والعمل بذلك، ثم عليه أن يستغفر ويتوب من تفريطه في المأمور وتعديه للحدود.

ولهذا كان من المشروع أن تختتم جميع الأعمال بالاستغفار؛ فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً٣، وقد قال تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأسْحَارِ} [آل عمران: ١٧] ، فقاموا الليل ثم ختموا بالاستغفار، وآخر سورة نزلت في قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ


١ أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/٢٠٧) وقال عنه: " رواه أبو يعلى، وفيه عثمان بن مطر، وهو ضعيف".
٢ أخرجه الترمذي في سننه (٩/٤٧٩ ـ ٤٨٠ برقم ٨٥) والحاكم في المستدرك (١/٥٠٥) و (٢/٣٨٣) من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
٣ أخرجه مسلم في صحيحه (١/٤١٤ برقم ٥٩١) .

<<  <   >  >>