للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال الجزي: "قد اتفقت الأئمة على أن الصفات لا تؤخذ إلا توقيفاً، وكذلك شرحها لا يجوز إلا بتوقيف، ولا يجوز أن يوصف الله سبحانه إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله عليه الصلاة والسلام"١.

وذلك لأن الإيمان بصفات الله وأسمائه من الإيمان بالغيب، ولا يمكن معرفة الغيب إلا عن طريق الرسل الذين يبلغون وحي الله.

ج ـ إثباتهم للصفات إثبات وجود معلوم المعنى مجهول الكيفية:

سُئل الإمام مالك عن قول الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥] كيف استوى؟ قال: "الاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة"٢.

فبيَّن أن الاستواء معلوم المعنى، مجهول الكيفية، وهكذا بقية الصفات، يقال فيها ما قيل في الاستواء.

قال أبو سليمان الخطابي: "فإذا كان معلوماً أن إثبات البارئ سبحانه وتعالى، هو إثبات وجود، لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته، إنما هو إثبات وجود، لا إثبات تحديد وتكييف"٣.

وقال الحافظ أبو القاسم التميمي: "وإثبات الذات إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات الصفات ... وعلى هذا مضى السلف كلهم"٤.

وقال السجزي: "إن الله تعالى إذا وصف نفسه هي معقولة عند العرب والخطاب ورد عليهم بما يتعارفون بينهم، ولم يبيّن سبحانه أنها بخلاف ما يعقلونه، ولا فسّرها النبي صلى الله عليه وسلم بتفسير يخالف الظاهر فهي على ما يعقلونه"٥.


١ كتاب الحرف والصوت (ص١٣٩) .
٢ أخرجه الصابوني في عقيدة السلف أصحاب الحديث (ص١٧ـ١٨) .
٣ الأربعين في صفات رب العالمين (ص١١٧) ، والعلو (ص١٧٣) كلاهما للذهبي.
٤ الحجة في بيان المحجة (ص٣٤) .
٥ الحرف والصوت (ص١٨٣) وانظر أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة (ص٢٨٨ـ٢٩.) .

<<  <   >  >>