وحديث يوم المزيد في يوم الجمعة من أيام الآخرة، وما فيه من ذكر نزوله وارتفاعه، وأمثال ذلك منالأحاديث، وهو ينكر على من يقول: إنه لا يخلو منه العرش , ويجعل هذا مثل قول من يقول: إنه في كل مكان، ومن يقول: إنه ليس في مكان.
وكلامه من جنس كلام طائفة تظن أنه لا يمكن إلا أحد القولين: قول من يقول: إنه ينزل نزولًا يخلو منه العرش.
وقول من يقول: ما ثم نزول أصلًا كقول من يقول: ليس له فعل يقوم بذاته باختياره.
وهاتان الطائفتان ليس عندهما نزول إلا النزول الذي يوصف به أجساد العباد الذي يقتضى تفريغ مكان وشغل آخر. ثم منهم من ينفي النزول عنه، ينزهه عن مثل ذلك. ومنهم من أثبت له نزولًا من هذا الجنس، يقتضى تفريغ مكان وشغل آخر، فأولئك يقولون: هذا القول باطل , فتعين الأول , كما يقول من يقابلهم: ذلك القول باطل فتعين الثاني. وهو يحمل كلام السلف [يفعل ما يشاء] على أنه نزول يخلو منه العرش، ومن يقابله يحمله أن المراد مفعول منفصل عن الله.
وفي الجملة، فالقائلون بأنه يخلو منه العرش طائفة قليلة من أهل الحديث. وجمهورهم على أنه لا يخلو منه العرش، وهو المأثور عن الأئمة المعروفين بالسنة، ولم ينقل عن أحد منهم بإسناد صحيح ولا ضعيف أن العرش يخلو منه، وما ذكره عبد الرحمن من تضعيف تلك الرواية عن إسحاق، فقد ذكرنا الرواية الأخرى الثابتة التي رواها ابن بطة وغيره، وذكرنا ـ أيضًا ـ اللفظ الثابت عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد , رواه الخلال وغيره.
وأما رسالة أحمد بن حنبل إلى مُسَدَّد بن مسرهد، فهي مشهورة عند أهل الحديث والسنة من أصحاب أحمد وغيرهم، تلقوها بالقبول، وقد ذكرها أبو عبد الله بن بطة في كتاب [الإبانة] ، واعتمد عليها غير واحد كالقاضي أبي يعلى وكتبها بخطه.