للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: ١٩،٢٠] . وقال في الشهداء: {أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: ١٦٩] قيل لهم: شهداء؛ لأنهم يشهدون ملكوت الله، واحدهم شهيد، كما يقال: علىم وعلماء، وكفيل وكفلاء.

وقال عز وجل: {لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا} [الأنبياء: ١٧] أي: لاتخذنا ذلك عندنا لا عندكم؛ لأن زوجة الرجل وولده يكونان عنده بحضرته لا عند غيره.

والأمم كلها ـ عجمها وعربها ـ تقول: إن الله ـ عز وجل ـ في السماء، ما تركت على فطرتها، ولم تنقل عن ذلك بالتعليم.

وفي الحديث: أن رجلًا أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأمَةٍ أعجمية للعتق، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أين اللَّه؟ " قالت: في السماء. قال: " من أنا؟ " قالت: أنت رسول الله، فقال:" هي مؤمنة " وأمره بعتقها. وقال أمية بن أبي الصَّلْت:

مجدوا الله فهو للمجد أهل ... ربنا في السماء أمسى كبيرًا

بالبناء الأعلى الذي سبق النا ... س وسوى فوق السماء سريرا

شَرْجَعًا ما يناله بصر العيـ ... ـن ترى دونه الملائك صُورًا

وصُورًا جمع أصْوَر، وهو المائل العنق، وهكذا قيل في حملة العرش صور، وكل من حمل شيئًا ثقيلًا على كاهله أو على منكبه، لم يجد بدًا من أن يميل عنقه.

وفي [الإنجيل] : أن المسيح ـ عليه السلام ـ قال: " لا تحلفوا بالسماء فإنها كرسي الله. وقال للحواريين: إن أنتم غفرتم للناس فإن أباكم ـ الذي في السماء ـ يغفر لكم كلكم، انظروا إلى طير السماء، فإنهن لا يزرعن، ولا يحصدن، ولا يجمعن في الأهواء، وأبوكم الذي في السماء هو الذي يرزقهم، أفلستم أفضل منهن؟ " ومثل هذا من الشواهد كثير يطول به الكتاب.

قال ابن قتيبة: وأما قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: ٨٤] ، فليس في ذلك ما يدل على الحلول بهما، وإنما أراد أنه إله السماء ومن فيها وإله الأرض ومن

<<  <   >  >>