للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منهم من يقول: هو فوق العرش وليس بجسم.

ومنهم من يقول: هو فوق العرش وهو جسم.

ومنهم من يقول: هو فوق العرش ولا أقول: هو جسم، ولا ليس بجسم، ثم من هؤلاء من يسكت عن هذا النفي والإثبات؛ لأن كليهما بدعة في الشرع.

ومنهم من يستفصل عن مسمى الجسم، فإن فسر بما يجب تنزيه الرب عنه نفاه وبين أن علوه على العرش لا يستلزم ذلك، وإن فسر بما يتصف الرب به لم ينف ذلك المعنى. فالجسم في اللغة هو البدن، والله منزّه عن ذلك، وأهل الكلام قد يريدون بالجسم ما هو مركب من الجواهر المفردة أو من المادة والصورة. وكثير منهم ينازع في كون الأجسام المخلوقة مركبة من هذا وهذا، بل أكثر العقلاء من بنى آدم عندهم أن السموات ليست مركبة، لا من الجواهر المفردة، ولا من المادة والصورة، فكيف يكون رب العالمين مركبًا من هذا وهذا؟ فمن قال: إن الله جسم، وأراد بالجسم هذا المركب، فهو مخطئ في ذلك. ومن قصد نفي هذا التركيب عن الله، فقد أصاب في نفيه عن الله، لكن ينبغي أن يذكر عبارة تبين مقصوده.

ولفظ التركيب قد يراد به أنه ركبه مركب، أو أنه كانت أجزاؤه متفرقة فاجتمع، أو أنه يقبل التفريق، والله منزه عن ذلك كله.

وقد يراد بلفظ الجسم والمتحيز ما يشار إليه بمعنى أن الأيدي ترفع إليه في الدعاء، وأنه يقال: هو هنا وهناك، ويراد به القائم بنفسه، ويراد به الموجود. ولا ريب أن الله موجود قائم بنفسه، وهو عند السلف وأهل السنة ترفع الأيدي إليه في الدعاء، وهو فوق العرش. فإذا سمى المسمى ما يتصف بهذه المعاني جسمًا، كان كتسمية الآخر ما يتصف بأنه حي عالم قادر جسمًا، وتسمية الآخر ما له حياة وعلم وقدرة جسمًا.

ومعلوم أن هؤلاء كلهم ينازعون في ثلاث مقامات:

<<  <   >  >>