وقد علم المسلمون أن الله لم يخلق شيئاً ما إلا لحكمة؛ فتلك الحكمة وجه حسنه وخيره، ولا يكون فى المخلوقات شر محض لا خير فيه، ولا فائدة فيه بوجه من الوجوه؛ وبهذا يظهر معنى قوله:" والشر ليس إليك "، وكون الشر لم يُضَف إلى الله وحده، بل إما بطريق العموم أو يضاف إلى السبب أو يحذف فاعله.
فهذا الشر الموجود الخاص المقيد سببه، إما عدم وإما وجود، فالعدم مثل عدم شرط أو جزء سبب؛ إذ لا يكون سببه عدماً محضاً؛ فإن العدم المحض لا يكون سبباً تاماً لوجود، ولكن يكون سبب الخير واللذة قد انعقد، ولا يحصل الشرط فيقع الألم، وذلك مثل عدم فعل الواجبات الذي هو سبب الذم والعقاب، ومثل عدم العلم الذي هو سبب ألم الجهل وعدم السمع والبصر والنطق الذي هو سبب الألم بالعمى والصمم والبكم، وعدم الصحة والقوة، الذي هو سبب الألم والمرض والضعف.