للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الحافظ ابن كثير: ((فأما المبهم الذي لم يسمّ أو مَنْ سُمِّي ولا تعرف عينه فهذا ممن لا يقبل روايته أحدٌ علمناه، ولكنه إذا كان في عصر التابعين والقرون المشهود لهم بالخير، فإنه يستأنس بروايته ويستضاء بها في مواطن)) (١) .

وأمّا الصنف المختلف فيهم من الرواة من حيث الجرح والتعديل، وهذا شيء متوقع لا مفّر منه، فإن توثيق الرواة وتجريحهم أمر اجتهاديّ ومن طبيعة الحال لابد أن يقع الاختلاف بين العلماء.

فالرواة المختلف فيهم هم الذين اجتمع فيهم الجرح والتعديل سواء من عدد من الأئمة أو من إمام واحد، جرحه مرة ووثقه مرة.

فمنهم من ينظر إلى الكثرة وقبول قولهم ورد القول الآخر، فيرى الأخذ بقول الجمهور، كما ذكر الذهبي عن ابن معين حيث قال عنه: ((فإنّا نقبل قوله دائماً في الجرح والتعديل ونقدمه على كثير من الحفاظ ما لم يخالف الجمهور في اجتهاده، فإذا انفرد بتوثيق من لينه الجمهور أو بتضعيف من وثقه الجمهور وقبلوه، فالحكم لعموم أقوال الأئمة لا لمن شذّ)) (٢) .

لاشك أن لاختلاف الأئمة أسباباً كثيرة لا يتسع هذا البحث لبيانها (٣) .

وإن أمكن أن يجمع بين الجرح والتعديل جمع بين ذلك، وحمل كل قول على جانب، كما حمل كلام الإمام أحمد في قبيصة السوائي أنّه كثير الوهم ثقة لا بأس به، على حين ما كان يحفظ وكلام أبي حاتم فيه أنه لم ير من المحدثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظ واحد لا يغيره يحمل على ما كان


(١) اختصار علوم الحديث (١/٢٩٣) .
(٢) معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد / ٤٩.
(٣) انظر في ذلك التأسيس / ٢٦٣ – ٢٦٥.

<<  <   >  >>