للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويحدثنا ياقوت عن الخليل بن أحمد بأنه أول من استخرج العروض وضبط اللغة وحصر أشعار العرب، وأن معرفته بالإيقاع -بناء ألحان الغناء على موقعها وميزانها- هي التي أحدثت له علم العروض١.

كذلك يحدثنا القفطيّ عن الخليل بأنه سيد الأدباء في علمه وزهده، وأنه نحويّ لغويّ عروضيّ، استنبط من العروض وعلله ما لم يستخرجه أحد، ولم يسبقه إلى علمه سابق من العلماء كلهم٢.

وروى ابن خلكان عن حمزة بن الحسن الأصفهاني نقلاً عن كتابه التنبيه على حدوث التصحيف. قوله: إن دولة الإسلام لم تخرج أبدع للعلوم التي لم يكن لها عند العرب أصول من الخليل، وليس على ذلك برهان أوضح من علم العروض الذي لا عن حكيم أخذه، ولا على مثال تقدمه احتذاه، وإنما اخترعه من ممر له بالصفارين، من وقع مطرقة على طست.

من ذلك يرى أن الخليل هو أول مبتكر لعلم العروض وحصر كل أشعار العرب في بحوره. ولم تقف عقليته المبتكرة عند هذا الحد، وإنما تجاوزته إلى ابتكار علوم أخرى، فهو أول مبتكر لفكرة المعاجم العربية بوضعه معجم العين، الذي يحصر لغة أمة من الأمم قاطبة، وهو الذي وضع أساس علم النحو باستخراج مسائله وتعليله، وإمداده سيبويه من علم النحو بما صنف منه كتابه الذي هو زينة لدولة الإسلام كما يذكر القفطيّ، ثم هو الذي اخترع علم الموسيقى العربية وجمع فيه أصناف النغم.

ولكن لا ينبغي أن يفهم من وضع الخليل لعلم العروض أن العرب لم تكن


١ كتاب معجم الأدباء: جـ ١١ ص ٧٣.
٢ كتاب إنباه الرواة: جـ١ ص ٣٤٢.

<<  <   >  >>