للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بلوغها، فدونها خرط القتاد؛ إذ يستحيل ذلك على من لم يدمن الطلب والفحص، وكتب الأحاديث وحفظها، والمذاكرة والسهر والتيقظ والفهم مع التقوى والدين المتين والإنصاف والتردد إلى العلماء والإتقان ... كما قال الإمام الذهبي (١) .

و يحيى بن معين إمام الجرح والتعديل:

تلت طبقة القطان وابن مهدي طبقة أخرى بلغ علم الرجال عندها الذروة، وبدأ التصنيف في هذا العلم في عصرها، ودونت العلل، من هذه الطبقة الإمام يحيى بن معين (٢٣٣ هـ) والإمام أحمد بن حنبل (٢٤١ هـ) وعلي المديني (٢٣٤ هـ) ومحمد بن سعد كاتب الواقدي وصاحب الطبقات المتوفى سنة (٢٣٠هـ) ومحمد بن عبد الله بن نمير (١٩٩ هـ) وإسحاق بن راهويه (٢٣٨ هـ) وأبو خيثمة زهير بن حرب (٢٣٤ هـ) .

إلا أنَّ ألزمهم لهذا الشأن وأكثرهم اختصاصا به الإمام أبو زفر يحيى بن معين الذي كان يروي الحديث وينتقد الرواة، فإذا روى كان حجة، وإذا تكلم في أسانيد الرجال كان كالبحر الذي لا تُعَكِّره الدلاء، وكم من عالم شهد له بأنه خلق لهذا الفن (٢) .

سمع من مجموعة كبيرة من الشيوخ، أغلبهم صرفوا همتهم إلى نقد الرواة وتمحيص الروايات، ولاشك أن لهذا الأثر الكبير في نبوغه وبلوغه مرتبة


(١) انظر تذكرة الحفاظ ١/٤.
(٢) مصادر ترجمته: طبقات ابن سعد ٧/٣٥٤ ـ التاريخ الكبير للبخاري ٤ القسم الثاني وتقدمة المعرفة ٣١٤-٣١٩ وتاريخ بغداد ١٤/١٧٧-١٧٨ وطبقات الحنابلة ١/٤٠٢ ووفيات الأعيان ٦/١٣٩ وتذكرة الحفاظ ١/٤٥٩ وسير أعلام النبلاء ١١/٧١ وميزان الاعتدال ٤/٤١٠.

<<  <   >  >>