من بداهة القول أن الله تعالى أنزل القرآن الكريم على رسوله صلى الله عليه وسلم هداية للناس في شتى مناحي حياتهم إلى أقوم طريق وأهدى سبيل، وذلك مما ينبئ عنه حذف متعلق الهداية في قول الله تعالى:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}(الإسراء:٩)
بل إن هذا الهدف الأعظم هو أول ما يطالع القارئ لكتاب الله تعالى مفتتح المصحف في أول سورة منه بعد الفاتحة {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ}(البقرة:١،٢)
ومن المعلوم أن الاهتداء بالقرآن فرع عن معرفة وفهم معانيه، وطريق ذلك علم التفسير، ذلك العلم الذي نبتت نابتته الأولى في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان يسأله أصحابه رضوان الله عليهم عما يشكل عليهم فهمه من القرآن، فيجيبهم، وكذلك عندما كان صلى الله عليه وسلم يعلمهم ابتداء ما يعلم أنهم في حاجة إلى تعلمه، ولا سبيل لهم إليه إلا ببيانه صلى الله عليه وسلم، كانت تلك البذور الأولى، ثم نما علم التفسير، وتطور عبر قرون الإسلام، من الرواية إلى التدوين والتصنيف مما لا مجال لتفصيله هنا.
أقول: إن هدى القرآن، وهو مقصود نزوله إنما يكون بتفسيره، ومعرفه ما فيه من الناسخ والمنسوخ، والعام والخاص، والمحكم والمتشابه، والحلال والحرام وغير ذلك، ولذلك كان من تعريف العلماء لعلم التفسير ما قاله بدر الدين الزركشي: (هو علم نزول الآية وسورتها وأقاصيصها، والإشارات النازلة فيها، ثم ترتيب مكيها ومدنيها، ومحكمها ومتشابهها، وناسخها