للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

البطليوسي (١) في شرحه لخطبة ((أدب الكاتب)) غرضَين لطلب الأدب والاهتمام بمدارسته، أحدهما: يقال له الغرض الأدبي، والثاني الغرض الأعلى، فالغرض الأدبي يَحْصُل للمتأدِّب بالنظر في الأدب والشعر، والغرض الأعلى يَحْصُل للمتأدِّب به قوة على فهم كتاب الله وكلام رسوله)) . ولذلك فإن معشر البلغاء والكُتَّاب كانوا حريصين على التزود من مَعين كتاب الله، كما كانوا يُوصون المتأدِّبين بالعكوف على أسلوبه وبيانه؛ ليفيدوا منه في صقل أساليبهم، وترقية بيانهم. يقول عبد الحميد الكاتب (٢) : ((تنافسوا يا معشر الكتاب في صنوف الآداب وتفقهوا في الدين، وابدؤوا بعلم كتاب الله عز وجل ثم العربية، فإنها ثِقاف ألسنتكم، ثم أجيدوا الخط فإنه حِلْية كتبكم، وارْووا الأشعار، واعرِفوا غريبها ومعانيها، وأيام العرب والعجم وأحاديثها وسيرها؛ فإن ذلك مُعين لكم على ما تسمو إليه هممكم)) .

وهكذا نخلص إلى أن البلاغة العربية في نشأتها وتطورها وثمارها لاتنفكُّ عن القرآن؛ إذ سَعَتْ في خدمة بيانه، وساهمت في شرح إعجازه وبديع نظمه.


(١) الاقتضاب للبطليوسي ١٤.
(٢) تاريخ الأدب العربي، د. عمر فروخ ١ / ٧٣٠.

<<  <   >  >>