للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

((محكمه)) رواية يحيى بن أبي كثير حيث يقول (١) : ((كان القرآن مجرداً في المصاحف، فأول ما أحدثوا فيه النَّقْط على الياء والتاء، وقالوا: لا بأس به هو نور له، ثم أحدثوا فيها نُقَطاً عند منتهى الآي، ثم أحدثوا الفواتح والخواتم)) .

ويرى الداني (٢) أن الصدر من السلف أخْلَوا المصاحف من التنقيط والشكل؛ لأنهم أرادوا الدلالة على بقاء السَّعة في اللغات، والفسحة في القراءات التي أذن الله تعالى لعباده في الأخذ بها والقراءة بما شاءت منها، فكان الأمر على ذلك إلى أن حَدَثَ في الناس ما أوجب نَقْطَها وشكلَها.

وقد سُئِل الإمام أحمد عن نَقْط القرآن (٣) فأجاب: ((أمَّا الإمام من المصاحف فلا أرى أن يُنَقَّط، ولا يُزاد في المصاحف ما لم يكن فيها، وأمَّا المصاحف الصغار التي يتعلَّم فيها الصبيان وألواحهم فلا أرى بذلك بأساً)) .

ومثل هذه الروايات تُنْبئ عن خشية السلف الاجتراءَ على القرآن بالتبديل والتغيير؛ لأن مثل هذا التنقيط في العصور المتقدمة كان فيه مجال للاجتهاد، ولم يستقرَّ أمره بعد، ومن هنا اختلف اجتهاد السلف في نقاط الإعجام ما بين مترخِّص ومانع.

ويذكر الإمام الداني (٤) أن الذي دعا السلف إلى نَقْط المصاحف بعد أن


(١) المحكم ٢.
(٢) المحكم ٣.
(٣) المحكم ١١.
(٤) المحكم ١٨.

<<  <   >  >>