للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

للمقرئ صحة الدين والسلامة في النقل والفهم في علوم القرآن والنفاذ في علوم العربية والتجويد بحكاية ألفاظ القرآن، كملت حاله ووجبت إمامته)) . ويقرر (١) أبو محمد مكي بأن القراء يتفاضلون في العلم بالتجويد: فمنهم مَنْ يَعْلمهُ رواية وقياساً وتمييزاً، فذلك الحاذق الفَطِن، ومنهم مَنْ يعرفه سماعاً وتقليداً، فذلك الوَهِن الضعيف، لايلبث أن يَشُكَّ، ويدخله التحريف والتصحيف، إذ لم يَبْنِ على أصلٍ، ولا نقل عن فَهْم.

وسيبويه مع تقدُّم زمنِه سَجَّل في أواخر كتابه وصفاً دقيقاً للأصوات العربية بقي أساساً لكثير من الدراسات التي تَلَتْه، وقد أفاد منه المصنفون الذين ألَّفوا في تجويد القرآن، ولاسيما في حديثه عن حروف العربية وهي مفردة ومخارجها في جهاز النطق. ومن أمثلة تدقيقه في وصف مخارج الأصوات حديثه عن الضاد الضعيفة التي تَرِد في لهجة بعض القبائل (٢) : ((الضاد الضعيفة تُتكلف من الجانب الأيمن، وإن شئتَ تَكَلَّفْتها من الجانب الأيسر، وهو أخفُّ؛ لأنها من حافة اللسان مُطْبقة؛ لأنك جمَعْتَ في الضاد تكلُّف الإطباق مع إزالته عن موضعه، وإنما جاز هذا فيها؛ لأنك تُحَوِّلها من اليسار إلى الموضع الذي في اليمين، وهي أخفُّ لأنها من حافة اللسان، وأنها تخالط مَخْرَج غيرها بعد خروجها، فتستطيل حين تخالط حروف اللسان، فسَهُل تحويلها إلى الأيسر؛ لأنها تصير في حافة اللسان في الأيسر إلى مثل ما كانت في الأيمن، ثم تَنْسَلُّ من الأيسر حتى تتصل بحروف اللسان كما كانت


(١) الرعاية لتجويد القراءة ٨٩.
(٢) الكتاب ٤ / ٤٣٢.

<<  <   >  >>