الأصيل شعراً ونثراً، وهذه الدعوة من الخطورة بحيث تخفى إلاّ على اللبيب، وقليلاً ما هو، والسُّموّ يتطلَّب شيئاً من المجاهدة، والعمل الشاقّ.
إنّ القرآن هو السِّرُّ في بقاء العربيّة وخلودها، أدرك هذا أعداؤها، كما أدركه أهلها، نجد تأكيد ذلك في دراساتٍ عربيَّةٍ، وأخرى غير عربيّة، بل إنّ هذا هو الّذي خلّد العربيّة، ورفعها إلى أن تكون ممّا يتسامى الناسُ في تحصيله؛ إِذْ صارت العربيّة فيما بعد لغة الدين، ولغة العلم، ولغة علية القوم، فتسامى النّاسُ في تعلُّمها، وتباروا في إتقانها لمجموع هذه الدّوافع، حتّى صار من غير أهلها من امتاز على أهلها، وهذه الدّوافع تعود كلها إلى القرآن، فالقرآن هو الدَّافع الحقيقيّ الّذي جعل من العربيّة مقصداً يتبارى الجميع في تحقيقه.
إنه يجب الحذر أشدَّ الحذر من دعواتٍ تدعو إلى فصل القرآن عن العربيّة، بل فصل سلطة القرآن على العربيّة، وأنّه يجب أن ندرس العربيّة باعتبارها لغةً لا ترتبط بالقرآن، مثلها في ذلك مثل أيِّ لغة، وقد جرَّت هذه الفكرة إلى أن يفكر أناسٌ بإيجاد أقسام للعربيّة لا تهيمن عليها السُّلْطة الدّينيّة، ولا تهيمن عليها الاتجاهات القرآنية.
كما يجب أن نكون في حذرٍ شديدٍ من تجريد تعليم العربيّة عن الدّوافع الدينيّة، خاصّةً في مجال تعليمها لغير أهلها؛ إذْ قد تغرينا بعض مكاسبَ عاجلة محدودة، أو طلبات وقتيّة من شركاتٍ عاملةٍ في بلادنا، أو راغبين في تعلُّمها من غير المسلمين، هذه العلوم قد تغري بعضاً، وينادي بأن لا نثقل عليهم بربط العربية بالدين، ونصوصه، وعلينا أن نجرّدها من كلّ ما يربطها بالدين أو القرآن، شأنها في ذلك شأن أيِّ لغةٍ أخرى، وأذكر أنّني مَرَّةً قابلت صينيّاً تعلّم العربيّة، وهو يقول: إنكم في المملكة العربية السعودية في برامجكم عيب،