وهو ربطها بالدين والقرآن، وكان بعض الحاضرين قد أعجبه كلامه أو رأيه، ورأى فيما يقوله وجهةَ نظرٍ مقبولة.
ثم إنّ هذا التجريد أو الفصل يرفع عنها هيبتها وقداستها التي اكتسبتها من ارتباطها بالقرآن، ويجعلها لغةً من اللُّغاتِ، ليس لها أَيُّ امتياز.
إنّه لا يسعُنا في هذا المقام إلاّ أن نشيد بتلك الجهود الضّخمة التي بذلها المسلمون من غير العرب في خدمة اللغة العربية كتابةً وتأليفاً، ودرساً، ودفاعاً عنها، ونشراً لها في مواقع من العالم، وفِئاتٍ من المجتمع.
وقد كان للعربية، وهي لغة القرآن أثر بارزٌ في لغات العالم الإسلاميّ الأخرى، كالفارسيّة مثلاً؛ إذِ امتزجَتِ اللُّغتانِ في تكوين لغةٍ جديدةٍ، اعتمدت الحرف، العربيّ ورسمه، وحاكت اللغة العربيّة في معجمها، وأوزانها، وعروضها، وقد أخذت الفارسيّة الألفاظ الإسلاميّة، كما هي من غير تغييرٍ يذكر، ولا يغيبُ عن أذهاننا محافظة المسلمين من غير العرب على الخطّ العربي في كتابة لغاتهم، وتمسُّكهم به، ممّا يُعَدُّ خطّاً من خطوط الدفاع عن العربيّة ويعدّ دافعاً لتمسُّك العرب بخطّهم ورسمهم.
إنّه يجب علينا أن نعيد الترابط بين علوم القرآن وعلوم العربيّة، وذلك بربط الثانية بالأولى حين تدرس الأصوات، وحين ندرس الأبنية والتراكيب، وحين ندرس المعجم، فتجعل الدراسة الصوتية دراسةً تطبيقية من خلال الصوت العربيّ المتمثّل في قراءة القرّاء المجيدين، وفيما سطره التجويد من أصواتٍ في صفاتها ومخارجها، كما نعني بكلماتِ القرآن، وأنّها أصلُ اللُّغة ولبُّها، كما يقول أهل اللغة، وأن نعنى بدراسة إعراب القرآن وأحكامه النحويّة بما ينمّي الذَّوقَ ويرقِّيه.