بعدهم ممن كانت لهم ولاية على الحرمين الشريفين. يقدم البحث فيما يلي بعضاً من عناية السلاطين المسلمين بالقرآن الكريم نسخاً بأيديهم، وتحبيس الضياع والعقارات على القراء، وتلاوة القرآن الكريم في مكة المكرمة:
سجل التاريخ نماذج عديدة للملوك وسلاطين المسلمين وأمرائهم صفحات مشرقة، صريحة في اعتنائهم بالقرآن الكريم، واهتمامهم به.
من مظاهر هذا الاهتمام نسخه بأيديهم، ومن ثم إهداؤه إلى البلاد المقدسة مكة المكرمة، والمدينة المنورة وبيت المقدس، ليس هذا فحسب بل إنهم يوقفون العقارات، ويقدمون المكافآت السخية للقراء والمدرسين، والمهتمين بتعليم القرآن وتعلمه.
"في سنة ٧٣٨هـ بعث السلطان أبو الحسن علي بن عثمان بن يعقوب صاحب فاس إلى مكة مصحفاً كتبه بخطه، وأخرج من خزائنه أموالاً عينها على شراء الضياع بالمشرق لتكون وقفاً على القراء فيها.
قال الشيخ أحمد بن خالد الناصري السلاوي في كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى:
انتسخ السلطان أبو الحسن المصحف الكريم بيده ليوقفه بالحرم الشريف، حرم مكة؛ قربة إلى الله تعالى وابتغاء للمثوبة، وجمع الوراقين لتنميقها، وتذهيبها، والقراء لضبطها، وتهذيبها، وصنع لها وعاءً مؤلفاً من الآبنوس، والعاج، والصندل، فائق الصنعة، وغشي بصفائح الذهب، ورصع بالجوهر، والياقوت، واتخذ له أَصْوِنة (١) الجلد، ومن فوقها غلائف الحرير، والديباج،
(١) أصْونة: ج صِوان، وأصْونة الجِلْد: أوعيتها التي تصان فيها..