الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى صحابته ومن اهتدى بهداه أما بعد: فإن الإمام أبا عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، المتوفى سنة ٢٥٦ -رحمه الله تعالى- قد بادر في صحيحه:"الجامع الصحيح" إلى عقد كتاب فيه باسم: "كتاب التوحيد" أي توحيد العبادة، فجمع فيه أصول هذا الباب، وقفاه أئمة هذا الشأن، حتى إذا كان في القرن السابع الهجري، وفاتحة القرن الثامن قيض الله أبا العباس، تقي الدين، شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية النميري المتوفى سنة ٧٢٨ –رحمه الله تعالى- فبذل جهدا مباركا في هذا الباب، فقرر مسائل التوحيد، أتم التقرير، ونفض عنه غبار الوثنيين، والقبوريين، والمتصوفة، وأغاليط الجاهلين، وقفاه تلامذته من بعده، وفي مقدمتهم تلميذه صاحب التصانيف المفيدة أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر الشهير بابن قيم الجوزية المتوفى سنة ٧٥١ -رحمه الله تعالى- وكان على الجادة الإسلامية الصافية أئمة حفاظ منهم: ابن عبد الهادي، والذهبي، وابن كثير، وابن رجب، والمقريزي، وأفرد فيه كتاباً سماه:"تجريد التوحيد" وهكذا. حتى وصلت النوبة إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي المتوفى سنة ١٢٠٦ –رحم الله الجميع- فألف كتابه:"كتاب التوحيد" الذي عقده في (ستة وستين) باباً، بناه على آيات القرآن العظيم، وأحاديث النبي الكريم، وما عليه الصحابة والتابعون –رضي الله عنهم