للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأصغر". فسئل عنه قال: "الرياء" ١. وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقول: "قال الله: أنا غنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك معي فيه غيري فأنا بريء منه وهو كله للذي أشرك" ٢.

واعلم أن الله تعالى من حكمته وعدله يعامل الذي يقصد غيره في عمل أو قول بنقيض قصده وذلك لأنه تعالى ينظر إلى العامل فإن كان عمله لله خالصاً يجازيه به وإن أشرك معه غيره يرجعه إذاً خائباً خاسراً، قال تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً} . [طه: ١١١] . وأيضاً يريد المرائي أن يعظم في أعين الناس بعمله أو قوله فيرائي الله به فيسقط من عين الناس أولاً ثم من عيونهم.

وفي الحديث عن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سمّع سمع الله به ومن راءى راءى الله به" ٣. أخرجاه في الصحيحين. وفي مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- "إن أول الناس يقضى يوم القيامة رجل استشهد فأتى به فعرّفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى قتلت، قال: كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال: جريء فقد قيل، ثم أُمر به فسحب على وجهه في النار. ورجل تعلم العلم وعلَّمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت ولكنك تعلمت ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال: قارئ فقد قيل، ثم أُمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال فأتى به فعرفه


١ رواه الإمام أحمد (٥/٤٢٨ و٤٢٩) من حديث محمود بن لبيد، وقال الهيثمي في "المجمع" (١/١٠٢) : ورجاله رجال الصحيح.
٢ رواه مسلم (٢٩٨٥) من حديث أبي هريرة مرفوعاً.
٣ رواه البخاري (٦٤٩٩ و٧١٥٢) ومسلم (٢٩٨٧) .

<<  <   >  >>