باب تفسير التوحيد الذي خلقت الكائنات لأجله وأرسلت الرسل وأنزلت الكتب لأجله
هو إفراد الله بالعبادة ونفيها عما سواه كما حكى الله عن إبراهيم عليه السلام:{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} . [الزخرف: ٢٦-٢٨] . والكلمة التي جعلها في عقبه على ما ذكره المفسرون هي شهادة أن لا إله إلا الله لأن لا إله نفي الآلهة الباطلة وذلك قوله:{إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} . وقولك: إلا الله إثبات الألوهية لله تعالى وذلك قوله: {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي} . فتحقق أن التوحيد الذي ألزم الله به العبيد هو إفراد الله بالعبادة نقلاً وعقلاً وفطرة:
وأما العقل فمعلوم بالضرورة أن العقول السليمة تشهد على أن الوجود لابد من موجد، والمبدع لابد له من مبدع، كما أن الفعل الصادر لابد له من فاعل ومصدر يصدر منه كما قيل: البعرة تدل على البعير، والسير يدل على المسير، فكيف لا تدل سماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج على اللطيف الخبير؟ فإذا علم ذلك فلابد له أن