للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعمل إذا علم أن الرحمة مختصة في الآخرة بالمؤمنين، فتأمل. فإن قلت: بدأ المؤلف –رحمه الله- بالبسملة ولم يبدأ بالحمدلة وقد ورد في الأثر في كل منهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: "كل أمر ذي بال لم يبدأ باسم الله فهو أقطع" ١. وكذلك ورد "كل أمر ذي بال لم يبدأ بالحمد لله فهو أقطع" ٢. قلت: الحمد هو الثناء باللسان على جميل الاختيار مطلقاً بإزاء النعمة أم لا، وهذا القدر حصل من قوله: بسم الله الرحمن الرحيم وبدؤه بها لأن فيها أوصاف ثلاثة متضمنات الثناء، وثانياً: ليس في الحديثين إشعار بالجمع بينهما، فعلى هذا لو يكتفي بواحدة منهما لحصل المقصود الذي هو الابتداء بذكر الله تعالى قبل كل شيء تيمناً وتبركاً مستعيناً به، وثالثاً: ليس فيهما تصريح بكتابتهما أمام المقصود الذي يريده، بل إذا سمى الله تعالى وحمد الله بلسانه وبدأ بمقصوده الذي يريده حصل المراد والامتثال بما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، فعلى هذا فربما أن الشيخ –رحمه الله- حمد الله بلسانه عند الابتداء ولم يكتبه. فإن قلت: كيف الجمع بين الحديثين وكلاهما ذكر فيهما الابتداء فإن بدء البسملة لم يبدأ بالحمدلة وإن بدأ الحمدلة ما بدأ بالبسملة؟ قلت: الابتداء على ثلاثة أنواع: حقيقي وهو الذي لم يذكر قبله شيء، وإضافي وهو الذي ذكر قبله شيء ولكنه قبل الخطبة، وعرفي وهو الذي قبل المقصود، فالابتداء بالبسملة: حقيقي إضافي عرفي، والابتداء بالحمدلة إضافي عرفي لا حقيقي، والابتداء بالخطبة عرفي لا إضافي ولا حقيقي لأنه في العرف يطلق عليها أنها مبدوء بها لأنها قبل المقصود والغاية.


١ تقدم في الصفحة رقم ٥.
٢ تقدم في الصفحة رقم ٥.

<<  <   >  >>