للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله باطناً وفي الظاهر إرادة الصلاة والطاعة فيه حتى إنه نوى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم ويصلي فيه فنهى الله عن قيامه فيه للصلاة فكيف بمواضع تبنى لعبادة غير الله وهتك محارم الله ومعاصي الله؟ فهذه المواضع أولى بالهدم والحرق نقلاً وعقلاً وقد تقدم، قال في ذلك ابن القيم -رحمه الله-: فإن قلت: ما استدل به من قوله تعالى: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً} . [التوبة: ١٠٨] .على عدم الذبح بمكان يذبح فيه لغير الله؟ قلت: لأن الله ينهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي فيه ومعلوم بالضرورة أن الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي لله وحده لا شريك له ومع ذلك نهي عن الصلاة فيه، وبعدما فعلوا فيه ضرراً ولا كفراً ولا تفريقاً بل مجرد أن أوجب النهي عن الله بالقيام والصلاة فيه، فكيف بكمان فعل فيه الشرك والكفر؟ فهو أولى بالنهي عن الطاعة فظهر وجه الاستدلال بالآية لما بوَّب لأجله الباب.

وأما السنة وعن ثابت بن الضحاك١ قال: نذر رجل أن ينحر إبلاً ببوانة٢ بضم الباء الموحدة من أسفل موضع يقول فيه وضاح اليمن:

أيا نخلتي وادي بوانة حبذا ... إذا نام حراس النخيل جناكما

نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الذبح عند موضع عبده المشركون ومعلوم أن ذلك إنما هو لتعظيم البقعة التي يعظمونها بالتعييد فيها أو لمشاركتهم في التعييد فيها أو لإحياء شعار عيدهم فيها، ولهذا لما خلت عن ذلك أذن في الذبح فيها، وإذا كان تخصيص بقعة عيدهم محذوراً فكيف نفس


١ أخرجه أبو داود (٣٣١٣) والبيهقي (٨٣/١٠) من حديث ثابت بن الضحاك.
٢ بضم الباء وقيل بفتحها وهو موضع جنوب مكة دون يلملم، وقيل: هضبة من وراء ينبع.

<<  <   >  >>