للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليه" ١. وعن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا هل أنبئكم ما الغضة هي النميمة القالة بين الناس"، رواه مسلم٢. ولهما عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن من البيان لسحراً" ٣. اختلفوا في تأويله فمنهم من حمله على الذم وذلك أنه صلى الله عليه وسلم ذم التصنيع في الكلام والتكلف لتحسينه لتستمال قلوب السامعين به وإليه أصل السحر في كلامهم الصرف ويسمى السحر سحراً لأنه مصروف عن جهته فهذا المتكلم ببيانه يصرف قلوب السامعين إلى قبول قوله وإن كان غير حق والمراد من صرف الكلام فضله وما يتكلف الإنسان من الزيادة فيه من وراء الحاجة فيدخله الرياء ويخالطه الكذب، وأيضاً فإنه قد يحيد الشيء عن ظاهره ببيانه ويزيله عن موضعه بلسانه إرادة التلبيس عليهم فيصير بمنزلة السحر الذي يلبس على الناس بتورية الشيء الذي لا حقيقة له كأن له حقيقة، وقيل: أراد به أن من البيان ما يكتسب به صاحبه من الإثم ما يكتسب الساحر بسحره. وقيل: الرجل يكون عليه الحق وهو ألحن بحجته من صاحب الحق فيسحر القوم بلسانه فيذهب بالحق، وشاهده قوله صلى الله عليه وسلم: "إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته فأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له من حق أخيه فلا يأخذه فإنما هو قطعة من


١أخرجه النسائي (٤٠٩٠) من طريق عبادة بن ميسرة المنقري عن الحسن البصري عن أبي هريرة مرفوعاً به. عباد: لين، والحسن مدلس وقد عنعنه. وقد صح منه قوله: "ومن تعلق شيئاً وكل إليه".
٢ أخرجه مسلم (٢٦٠٦) من حديث ابن مسعود.
٣ أخرجه البخاري (٥١٤٦) من حديث ابن عمر مرفوعاً، وأخرجه مسلم (٨٦٩) من حديث عمار بن ياسر.

<<  <   >  >>