للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يوم أحد وكسرت رباعيته١ عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: لقينا المشركين يومئذ وأحبس النبي صلى الله عليه وسلم جيشاً من الرماة وأمر عبد الله بن جبير -رضي الله عنه- وقال: "لا تبرحوا، فإن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا، وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا". فلما لقيناهم هربوا حتى رأيت النساء يشتددن في الجبل، رفعن عن سوقهن وبدت خلاخلهن، فلما رأوا ذلك الرماة فأخذوا يقولون: الغنيمة الغنيمة، فذكرهم أميرهم عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يسمعوا، فأخلوا الثغر وكرّ فرسان المشركين عليه فوجدوه خالياً فجاؤوا منه وأقبل آخرهم حتى أحاطوا بالمسلمين، فأكرم الله من أكرم بالشهادة وهم سبعون، وتولى الصحابة وخلص المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجرحوه جراحات، شج رأسه وكسرت رباعيته، فلما انقضت الحرب أشرف أبو سفيان على الجبل ونادى: فيكم محمد؟ فلم يجيبوه فقال: فقال: أفيكم ابن أبي قحافة؟ فلم يجيبوه، فقال: أفيكم ابن الخطاب؟ فلم يجيبوه، فقال: أما هؤلاء فقد كفيتموهم فلم يملك عمر نفسه قال: يا عدو الله قد أبقى الله ما يسوؤك، ثم قال أبو سفيان: أُعلُ هبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تجيبوه. قالوا: ما نقول؟ قال: قولوا: الله أعلى وأجلُّ، ثم قال: لنا العزى ولا عزى لكم، قال: ألا تجيبوه، قالوا: ما نقول؟ قال: قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم، ثم قال: يوم بيوم بدر، والحرب سجال، فقال عمر: لا سواء قتلانا غي الجنة وقتلاكم في النار٢.


١ أخرجه مسلم (١٧١٩) من حديث أنس -رضي الله عنه- مرفوعاً.
٢ أخرجه البخاري (٤/٧٩) وأبو داود (٢٦٦٢) وأحمد (٤/٢٩٣) من حديث البراء بن عازب مرفوعاً.

<<  <   >  >>