للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شرح الباب ١٦

باب في بيان ما يدل على أن الشفاعة المطلقة لله جميعً

وليس لأحد من خلقه أن يشفع لأحد إلا بإذنه أي بإذن الشافع في شفاعة من رضي الله عليه من الكتاب والسنة.

أما الكتاب فقوله الله تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ} [الأنعام: ٥١] . وقوله: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً} [الزمر: ٤٤] . وقوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢٥٥] . وقوله: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: ٢٦] . وقوله: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: ٢٢، ٢٣] . قال أبو العباس: نفى الله عما سواه كل ما يتعلق به المشركون، فنفى أن يكون لغيره ملك أو قسط منه أو يكون عوناً لله تعالى ولم يبق إلا الشفاعة فبين أنها لا تنفع إلا لمن أذن له الرب تعالى.

قلت: ومن المعلوم بالضرورة أن العاقل ما يقصد خلقاً لمقصود إلا وهو زان أنه إما مالك ذلك المقصود لأن المالك يتصرف في ملكه بما شاء عطاء أو منعاً وإن لم يكن مالكاً لذلك المقصود يكن شريكاً في المقصود الذي يريده منه، لأن الشريك أيضاً يتصرف في حقه بما يشاء عطاء أو منعاً، فإن لم يكن شريكاً يكن معيناً لمالك الشيء الذي يريده منه؛ لأن المعان لا يغضب الذي يعينه ولا يرده عما يبغي من ملاه لأنه محتاج إليه في إعانته له فلا يخالفه فبما يمضي من ماله، فإن

<<  <   >  >>