وماروت:{إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} . [البقرة: ١٠٢] . أي بتعلمك السحر وفعله، فبقوله:{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} . [البقرة: ١٠٢] . فدل على أن اتباع السحر وتعلمه وفعله كفر؛ لأن الذي تر الشياطين على ملك سليمان هو السحر، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد كفر" ١. وأما المقتضي فبقوله تعالى:{وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} . [البقرة: ١٠٢] . أي من نصيب من الرحمة وذلك الشقاوة الأبدية التي ما يتصف بها إلا الكافر، وقوله تعالى:{يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} . [النساء: ٥٠] . قال عمر: الجبت السحر، والطاغوت الشيطان، وقال جابر: الطواغيت كهان كان ينزل عليهم الشيطان في كل حي واحد.
ومما أخرج ابن أبي حاتم ابن عباس قال: إن هاروت وماروت هبطا إلى الأرض فإذا أتاهما الآتي يريد السحر نهياه أشد النهي وقالوا له: إنما نحن فتية فلا تكفر، وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه البيهقي في سننه عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قدمت على امرأة من أهل دومة الجندل تبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته تسأله عن شيء دخلت فيه من أمر السحر ولم تعمل به، قالت: كان لي زوج فغاب عني فدخلت علي عجوز فشكوت لها فقالت: إن فعلت ما آمرك به فأجعله يأتيك، فلما جاء الليل جائتني بكلبين أسودين فركبت أحدهما وركبت الأخر فلم يكن كثير حتى وقفنا ببابل فإذا برجلين معلقين بأرجلهما فقالا: ما جاء بك؟ فقلت: أتعلم
١ أخرجه النسائي (٤٠٩٠) من حديث عباد بن ميسرة عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعاً به وإسناده لين.