للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرح الباب ٣١

باب قول الله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٧٥] .

وقوله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ} [التوبة: ١٩] .

واعلم أن الخوف خوفان:

الأول: خوف من الله وهذا الذي هو أحد جناحي طير الإيمان فالمحبة رأسه والخوف والرجاء جناحاه، وهذا هو المأمور به وهو علامة الإيمان كما قال تعالى: {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} . [آل عمران: ١٧٥] .

الثاني: خوف مع الله بمعنى أنك تخاف من غيره مثل خوفه أو أشد كما ذكر الله في شأن المنافقين إذ هم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية، وهذا الخوف هو الخوف الشركي المنهي عنه الذي صاحبه يخلد في النار ولا يكون هذا إلا عدم إيمانه بالله وعظمته وجلاله وقهريته وملكوتيته على جميع الخلق وقد ذم الله الذين جعلوا فتنة الناس كعذاب الله في وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت: ١٠] .

ومعلوم بالضرورة أنه إذا لاحظ ما يجري عليه من محن الناس وفتنتهم عند نطقه بالحق وجعله كعذاب الله سواء حينئذ أرضاهم بسخط الله فيسخط عليه الله ويسخط عليه الناس.

عن أبي سعيد مرفوعاً: "إن من ضعف اليقين أن ترضى الناس بسخط الله وأن تحمدهم على رزق الله وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله، إن رزق الله لا يجره حرص

<<  <   >  >>