للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرح الباب ٣٢

باب قول الله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: ٢٦] .

التوكل من منازل إياك نعبد وإياك نستعين، ومن أرفع درجات الإيمان.

وقوة الإيمان وضعفه بقوة التوكل وضعفه.

والتوكل هو الاعتماد على الله في جلب منافعه ودفع مضاره.

وهذا أمر يختص لله تعالى، ومنحصر عليه، فمن توكل على غيره أشرك الشرك الأكبر الذي يَخْلُدُ صاحبه في النار إن مات عليه.

أما اختصاصه لله فلتقديم الجار والمجرور على العامل وهو: وعلى الله فتوكلوا.

وتقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر أي لا توكلوا إلا عليه.

وأما شرك من توكل على غيره فلأنه عبادة لله فمن جعلها لغيره أشرك في العبادة. فالمؤمن شأنه التوكل على الله في جميع أموره والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة منها قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: ٢] . وذلك لأن المؤمن يعلم علم اليقين أنه لا يتحرك متحرك ولا يجري أمر إلا بإرادته وأمره فقطع العلائق عن الخلائق لعدم قدرتهم على شيء، وتوكل على الله وحده لقدرته الكاملة على كل شيء فهو حسبه وكافيه وذلك قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: ٣] .

عن ابن عباس قال: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: ١٧٣] . قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ

<<  <   >  >>