للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرح الباب ٣٣

باب قول الله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: ٩٩] .

الأمن من مكر الله: اطمئنان القلب بعدم عقوبة الله وعدم مراقبتها والغفلة عنها، وهو على معاصي الله، ومساخطه فلا يحذر الله فيما هو عليه ولا يخافه فكأنه شك أو أنكر اسمه القهار وأن يكون له مظهر فإذا ما تدركه العقوبة فإذا هو من الخاسرين كما قال تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} . [الأنعام: ٤٤، ٤٥] .

فالأمن من مكر الله من المهالك التي لا نجاة منها إلا بفضل الله ورحمته، وكذلك القنوط من رحمة الله لما يرى من رداءة نفسه وقلة طاعته له فييأس حينئذ من رحمته وذلك من المهالك لأنه يقنط من رحمته الواسعة ولم يتدارك لما فاته من التلف ولم يرجو الله في توفيقه إياه على ما يحب ويرضى وعفوه عما مضى، فكأنه شك أو أنكر اسمه الغفور الرحيم العفو وأن يكون له مظهر فما يضل عن صراط الله الذي أرسل به رسوله صلى الله عليه وسلم وهدى عليه أوليائه وقد نبه الله على القنوط من رحمة الله من الموبقات بقوله: {قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} [الحجر: ٥٦] .

وفي الحديث عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر قال: "الشرك بالله واليأس من روح الله والأمن من مكر الله" ١. وفي آخر عن ابن


١ أخرجه البزار (١٠٦/كشف الأستار) من حديث شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس.

<<  <   >  >>