أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} . [النساء: ٦٥] . أي تطمئن قلوبهم بحكمك ويعلموا أنه الحق وما بعده الضلال، فإن شك في نفسه فلا إيمان له ولا إسلام.
عن عدي بن حاتم: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ}[التوبة: ٣١] . قلت له: إنا لسنا نعبدهم، قال: أليسوا يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ فقلت: بلى. قال صلى الله عليه وسلم فتلك: عبادتهم١.
قلت: فإذا نظرت ما جرى في هذا الزمان رأيت من تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم الله ما كما قيل يتسع الخرق على الراقع وأعظم من ذلك أن أكثر الناس أطاعوهم ويحسبون أنهم مهتدون وإذا تلوت عليهم آيات الله وأحادث رسوله استنكروه وقالوا ما نترك فعل آبائنا لما تقول كما قال تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ} . [سبأ: ٤٣] . وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى.
١ أخرجه الترمذي (٣٠٩٥) والبيهقي (١٠/١١٦) والمزي في تهذيب الكمال (٢/١٠٩) من طريق غطيف بن أعين عن مصعب بن سعد بن عدي مرفوعاً، وقال الترمذي: "حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث". وضعفه الدارقطني وله شواهد.