للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضاً، ككفر اليهود بالرسول صلى الله عليه وسلم بعدما جاءتهم البينة، وعرفوه أشد المعرفة، كما قال تعالى عنهم: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} . [البقرة: والأنعام: ٢٠١٤٦] . فلما عرفوه كفروا به، فبيَّن الله أنهم ما كفروا به جهلاً، بل كفروا به بعد المعرفة، والعلة في ذلك الحسد قال تعالى: {حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} . [البقرة: ١٠٩] . وككفر الوليد بن المغيرة وناس معه، بغياً بينهم، قال تعالى: {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ} . [الشورى: ١٤] .

والثالث: مفر نفاق، وهو الذي يستبطن الباطل، ويستظهر الحق حفظاً لدمه وماله وعرضه، ككفر عبد الله بن أبيّ ومن تبعه من المنافقين إلى يوم الدين.

والرابع: كفر إباء واستكبار، ككفر إبليس وفرعون، قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} . [البقرة: ٣٤] . وقال تعالى عن فرعون وقومه: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً} . [النمل: ١٤] .

والخامس: كفر جحود وهو نوعان: جحود مطلق لا يؤمن بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم على العموم، والثاني: جحود مقيد ببعض، كأن يجحد نبيًّا، أو ملكاً، أو رسولاً، أو كتاباً من الكتب السماوية، أو آية من كتاب، أو حرفاً متفق عليه، أو حكماً من أحكام الرسول الثابت عنه صلى الله عليه وسلم، ونحو ذلك. واعلم أن الكافر والمنافق أخوان، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} . [الحشر: ١١] .

والنفاق: اعتقادي كما مضى آنفاً، وصاحبه أخو الكافر غداً في الدرك الأسفل من النار، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} . [النساء: ١٤٥] . ونفاق عملي، وذلك قلّ من ينجو منه، وهو لا يُخرج صاحبه من الإسلام ولكن يُخلُّ بدينه ويضعفه، قال الرسول

<<  <   >  >>