وبما جاؤوا به وبحبك لهم فيكون، لأن ذلك كله من الأعمال الصالحة.
قال أبو العباس ابن تيمية:"ولا ريب أن لهم جاها كما قال في موسى {وكان عند الله وجيها} وقال في المسيح {وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين} لكن ما لهم عند الله من المنازل والدرجات ما يعود إلينا نفعه إلا اتباعنا لهم ومحبتنا لهم، فإذا توسلت إلى الله بإيمانك بنبيه غ مثلاً ومحبته وموالاته واتباع سنته فهذا من أعظم الوسائل، وأما التوسل بنفس ذاته مع عدم التوسل بالإيمان به وطاعته فلا يجوز، فالمتوسل بالمخلوق إذا لم يتوسل لا بما من المتوسل به مثل دعائه ولا بما منه مثل الإيمان به وموالاته واتباع سنته إن كان نبياً مرسلاً إليه وإلى قومه فبأي شيء يتوسل؟ والإنسان إذا توسل إلى غيره بوسيلة فإما أن يطلب من الوسيلة الشفاعة عند ذلك مثل أن يقال لأبي الرجل وصديقه أو من يكرم عليه: اشفع لي عند فلان وهو حي وهذا جائز، وإما أن تقسم والإقسام على الله بالمخلوق لا يجوز بل ولا يجوز الإقسام على مخلوق بمخلوق والدعاء بالنبي أو الصالح إما أن يكون إقساماً به، فإنه كان إقساماً به فلا يقسم على الله إلا به، وإن كان تسبباً فهو تسبب بما جعله سبحانه سبباً وهو دعاء الله وعبادته، وإذا قال القائل: أسألك بحق الملائكة أو بحق الأنبياء أو الصالحين. فإن كان يقسم بذلك على مخلوق فهو لا يجوز له فإذا كان لم يجز له أن يحلف به أو يقسم به على مخلوق فكيف يقسم على الخالق به؟ بل إنما يقسم بالله بأسمائه وصفاته كما ذكر عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يقول: "أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا