ذلك، وأيضاً فيه دليل على أن المجتهد يخطئ ويصيب، والخطأ إذا كان باجتهاد وعلم مغفور بل له على ذلك أجر إذا كانت النية صالحة ناصحة لله تعالى ولدينه ولرسوله.
قال في فتح الباري: إن المصير إلى الرأي إنما يكون عند فقد النص وإلى هذا يومئ قول الشافعي فيما أخرجه البيهقي بسند صحيح إلى أحمد بن حنبل، سمعت الشافعي يقول: القياس عند الضرورة. ومع ذلك فليس القائل برأيه على ثقة من أنه وقع على المراد من الحكم في نفس الأمر وإنما عليه بذل الوسع في الاجتهاد ليؤجر، فمتى قصر المجتهد في اجتهاده أثم وفاقاً لتركه الواجب عليه من بذل وسعه فيه.
قلت: القياس بيانه وتفسيره على ما فسره البخاري قال: باب من شبه أصلاً معلوماً بأصل مبين. قلت: وذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة لما أخبرته أن أباها لم يحج: "أرأيت لو كان علي أبيك دين أكنت تقضيه؟ قالت: نعم، قال: فالله أحق بالقضاء" ١. فهذا هو عين القياس بطريق الأولوية.
قال في فتح الباري: إنما سكت النبي صلى الله عليه وسلم في أشياء مفصلة ليس لها أصل في الشريعة فلابد فيها من الإطلاع إلى الوحي، وإلا فقد شرع صلى الله عليه وسلم لأمته القياس وأعلمهم كيفية الاستنباط في مسائل لها أصول وعان، فيريهم كيف يصنعون فيما لا نص فيه، والقياس هو تشبيه ما لا حكم فيه بما فيه حكم في المعنى، وقد شبه صلى الله عليه وسلم الحمر بالخيل فقال:"ما أنزل الله شيئاً إلا هذه الآية الجامعة، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} . [الزلزلة: ٧- ٨] ". وقال للمرأة