باب ما جاء في بيان حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد
وكشفه غمائم الشبه عن أفق أذهان أهل التجريد وسده كل طريق يوصل إلى الشرك وكل ما يؤول إليه امتثالاً لأمر ربه القادر المقتدر {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} . [المدثر: ١- ٥] . فهو صلى الله عليه وسلم شأنه وطريقته الدعوة إلى الله بالجد والجهد وما كان يبالي بما يأتيه من الأذى ممتثلاً لقول ربه تعالى:{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} . [الأحقاف: ٣٥] .
عن عبد الله بن الشخير قال: انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: أنت سيدنا، فقال:"إنما السيد الله تبارك وتعالى".
قلت: لَمَّا أّنَّهُمْ قالوا: أنت السيد –معرفاً بالألف واللام- قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم" السيد الله وذلك أن المحلى بالألف واللام إذا أطلق يترقى الذهن ويبتدر إلى ما هو أعظم وهذا يرى بديهة العقل والاستقراء، كما أن لفظ: "المدينة" إذا أطلق ما يبتدر الذهن إلا إلى ما هو أعظم في المدائن وهو مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم دون المدائن التي سواها، وأما غير المحلى بالألف واللام فلا، كما تقول رأيت مدينة بالتنوين أو تضيفه تقول مدينة بغداد أو مدينة البصرة والله أعلم فلما علموا عدم رضى الرسول صلى الله عليه وسلم بما قالوا رجعوا عن قولهم ذاك إلى غيره قال: قلنا: وأفضلنا فضلاً وأعظمنا طولاً فقال: "قولوا بقولكم، أو بعض قولكم ولا يستهوينكم الشيطان" رواه أبو داود١. وعن أنس أن ناساً قالوا: يا رسول الله يا خيرنا
١ أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (٢٤٧) وأحمد (٤/٢٥) عن مطرف بن =