توصل العلم وتنتهي الأخبار بها للمدركات الباطنية، الأولى: قوة البصر، وموضعها تقاطع الصليبين بين العصبتين الآتيتين إلى العينين، من شأنها إدراك الألوان والأضواء والأشكال، والثانية: قوة السمع، وموضعها العصب المفروش على الصماغ، من شأنها إدراك الأصوات المختلفة، والثالثة: قوة الشم، وموضعها العصبتان الزائدتان الشبيهتان بحلمتي الثدي؛ من شأنها إدراك الروائح المتصعدة من الهواء، والرابعة: قوة الزوق، وموضعها العصب الذي في جرم اللسان؛ من شأنها إدراك الطعوم، والخامسة: قوة اللمس، وموضعها الجلد واللحم الذي تحته من شأنها إدراك الملموسات في حرها وبردها، ورطوبتها ويبوستها، وخشونتها وملاستها، ولينها وصلابتها، وكل ذلك فضل من الله تعالى ومنّ على عبده ليذكره ولا ينساه ويشكره ولا يكفره ويطيعه ولا يعصيه، فسبحان من له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين.
وأما اللواتي في الباطن فمنها مدركة للصورة المحسوسة بإدراك الحواس الظاهرة وهي الحس المشترك وموضعها مقدم البطن المقدم من الدماغ وخزانته الخيال وموضع الخيال مؤخر البطن المقدم، ومنها مدركة للمعاني القائمة بتلك الصور وهي الوهم وموضعها البطن الأوسط وخزانته الحافظة وموضع الحافظة البطن المؤخر ومنها متصرفة ويسمى استخدام النفس الناطقة لها في المعاني الكلية مفكرة لتصرفها في المواد الفكرية والخامسة العقل وهو رئيس المدركات الظاهرية والباطنية هذا وقد ركبك الخلاق جل وعلا من مائتي واثنين وخمسين عظماً حشيت به المفاصل فأولها تحف الرأس وهي مركبة من سبعة أعظم أربعة كالجدران وواحدة كالقاعدة والباقيات يتألف منها القحف وبعضها مثقوب إلى بعض بدروز الرأس ويقال لها: اشئون وهي