شك أحسن من التطبع؛ لأن الخلق إذا كان طبيعيًّا صار سجية للإنسان وطبيعة له لا يحتاج في ممارسته إلى تكلف، ولا يحتاج في ممارسته إلى تصنع، ولكن هذا فضل الله يؤتيه من يشاء. ومن حُرم هذا أي: من حرم الخُلق على سبيل الطبع فإنه يمكنه أن يناله على سبيل التطبع، وذلك بالمرونة والممارسة كما سنذكره إن شاء الله تعالى.
وكثير من الناس يذهب فهمه إلى أن حسن الخلق لا يكون إلا في معاملة الخلق، دون معاملة الخالق. ولكن هذا الفهم قاصر فإن حسن الخلق كما يكون في معاملة الخلق يكون في معاملة الخالق. فموضوع حسن الخلق إذن معاملة الخالق جل وعلا، ومعاملة الخلق أيضًا.
فما هو حسن الخلق في معاملة الخالق؟
حسن الخلق في معاملة الخالق يجمع ثلاث أمور:
١ـ تلقِّي أخبار الله تعالى بالتصديق.
٢ـ وتلقِّي أحكامه بالتنفيذ والتطبيق.
٣ـ وتلقِّي أقداره بالصبر والرضا.
فهذه ثلاث أشياء عليها مدار حسن الخلق مع الله عز وجل
أولا: تلقي أخباره بالتصديق:
بحيث لا يقع عند الإنسان شك أو تردد في تصديق خبر الله تعالى؛ لأن خبر الله ـ سبحانه وتعالى ـ صادر عن علم وهو أصدق القائلين كما قال تعالى عن نفسه:{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا}[النساء: ٨٧] . ولازم تصديق أخبار الله أن يكون الإنسان واثقًا بها مدافعًا عنها مجاهدًا بها، بحيث لا يدخله شك، أو تشكيك في أخبار الله سبحانه وتعالى وأخبار رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا تخلق بهذا الخلق أمكنه أن يدفع كل شبهة يوردها المغرضون على أخبار رسوله صلى الله عليه وسلم، سواء أكانوا من المسلمين الذين ابتدعوا في دين الله ما ليس منه أم كانوا من غير المسلمين الذين يلقون الشبهة في قلوب