للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الجواب: نقول أهم ما يتعلق بالمعلمين أن يدركوا العلوم التي يعطونها للطلبة إدراكًا جيدًا مستقرًّا في نفوسهم، قبل أن يقفوا أمام الطلبة حتى لا يقع الواحد منهم في حيرة عند سؤال التلاميذ له ومناقشتهم إياه فإن من أعظم المقومات الشخصية لدى الطلبة أن يكون المعلم قويًّا في علمه وملاحظته، إن قوة المعلم العلمية في تقويم شخصيته لا تقل عن قوة ملاحظته، إن المعلم إذا لم يكن عنده علم ارتبك عند السؤال فينحط قدره أمام تلاميذه، وإن أجاب بالخطأ فلن يثقوا فيه بعد ذلك، إن انتهرهم عند السؤال والمناقشة فلن ينسجموا معه.

إذن فلا بد للمعلم من إعداد واستعداد وتحمل وصبر، المعلم عند توجيه السؤال له إن كان عنده علم راسخ في ذهنه مستقر في نفسه أجاب بكل سهولة وانطلاق وإلا فإنه لا يخلو بعد ذلك من هذه الأمور الثلاثة السابقة وكل ذلك ينافي الآداب التي ينبغي أن يكون المعلم عليها، وإذا كان على المعلم أن يدرك العلم الذي سيلقيه أمام الطلبة فإن عليه أن يحرص على حُسن إلقائه إليهم بأن يسلك أسهل الطرق في إيضاح المعاني وضرب الأمثال ومناقشة الطلبة فيما ألقاه عليهم سابقًا، أما أن يأتي يقرأ الشيء عليهم قراءة ولا يدري من فهم ممن لم يفهم ولا يناقشهم فيما مضى فإن هذه الطريقة عقيمة جدًّا لا تثمر ثمرًا ولا تكون نتيجتها طيبة.

وإذا كان المعلم يجتهد في الأمور العلمية تحصيلا وعرضًا فعليه أن يجتهد في الأمور التعبدية، عليه أن يكون حسن النية والتوجيه فينوي بتعليمه الإحسان إلى طلبته وإرشادهم إلى ما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم وليجعل نفسه لهم بمنزلة الأب الرفيق الشفيق ليكون لتعليمه أثر بالغ في نفوسهم، وعلى المعلم أن يظهر أما طلبته بالمظهر اللائق من الأخلاق الفاضلة والآداب العالية التي أساسها التمسك بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ليكون قدوة لتلاميذه في العلم والعمل، فإن التلميذ ربما يتلقى من معلمه من الأخلاق والآداب أكثر مما يتلقى منه من العلم من حيث التأثر؛ لأن أخلاق المعلم وآدابه صورة مشهودة معبرة عما في نفسه ظاهرة في سلوكه فتنعكس هذه الصورة تمامًا على إدارة التلاميذ.

<<  <   >  >>