للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من كان شيخه الكتاب كان خطؤه أكثر إلى الصواب؟

فأجاب قائلا: لا شك أن العلم يحصل بطلبه عند العلماء وبطلبه في الكتب؛ لأن كتاب العالم هو العالم نفسه، فهو يحدثك من خلال كتابه، فإذا تعذر الطلب على أهل العلم، فإنه يطلب العلم من الكتب، ولكن تحصيل العلم عن طريق العلماء أقرب من تحصيله عن طريق الكتب؛ لأن الذي يحصل عن طريق الكتب يتعب أكثر ويحتاج إلى جهد كبير جدًّا، ومع ذلك فإنه قد تخفى عليه بعض الأمور كما في القواعد الشرعية التي قعَّدها أهل العلم والضوابط، فلا بد أن يكون له مرجع من أهل العلم بقدر الإمكان.

وأما قوله: "من كان دليله كتابه فخطؤه أكثر من صوابه"، فهذا ليس صحيحًا على إطلاقه ولا فاسدًا على إطلاقه، أما الإنسان الذي يأخذ العلم من أيّ كتاب يراه فلا شك أنه يخطئ كثيرًا، وأما الذي يعتمد في تعلُّمه على كتب رجال معروفين بالثقة والأمانة والعلم فإن هذا لا يكثر خطؤه بل قد يكون مصيبًا في أكثر ما يقول.

٤٩- سئل فضيلة الشيخ: هل يجوز تفسير القرآن الكريم بالنظريات العلمية الحديثة؟

فأجاب بقوله: تفسير القرآن بالنظريات العلمية له خطورته، وذلك إننا إذا فسرنا القرآن بتلك النظريات ثم جاءت نظريات أخرى بخلافها فمقتضى ذلك أن القرآن صار غير صحيح في نظر أعداء الإسلام؛ أما في نظر المسلمين فإنهم يقولون: إن الخطأ من تصور هذا الذي فسر القرآن بذلك، لكن أعداء الإسلام يتربصون به الدوائر، ولهذا أنا أحذر غاية التحذير من التسرع في تفسير القرآن بهذه الأمور العلمية ولندع هذا الأمر للواقع، إذا ثبت في الواقع فلا حاجة إلى أن نقول القرآن قد أثبته، فالقرآن نزل للعبادة والأخلاق، والتدبر، يقول الله ـ عز وجل {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: ٢٩] .

وليس لمثل هذه الأمور التي تدرك بالتجارب ويدركها الناس بعلومهم، ثم إنه قد

<<  <   >  >>