للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يكون خطرًا عظيمًا فادحًا في تنزل القرآن عليها، أضرب لهذا مثلا قوله تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} [الرحمن: ٣٣] لما حصل صعود الناس إلى القمر ذهب بعض الناس ليفسر هذه الآية

ونزلها على ما حدث وقال: إن المراد بالسلطان العلم، وأنهم بعلمهم نفذوا من أقطار الأرض وتعدوا الجاذبية وهذا خطأ، ولا يجوز أن يفسر القرآن به وذلك لأنك إذا فسرت القرآن بمعنى فمقتضى ذلك أنك شهدت بأن الله أراده وهذه شهادة عظيمة ستسأل عنها.

ومن تدبر الآية وجد أن هذا التفسير باطل؛ لأن الآية سيقت في بيان أحوال الناس وما يؤول إليه أمرهم، اقرأ سورة الرحمن تجد أن هذه الآية ذُكرت بعد قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: ٢٦ – ٢٨] .

فلنسأل هل هؤلاء القوم نفذوا من أقطار السماوات؟

الجواب: لا، والله يقول: {إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الرحمن: ٣٣] .

ثانيًا: هل أرسل عليهم شواظ من نار ونحاس؟

والجواب: لا. إذن فالآية لا يصح أن تفسر بما فسر به هؤلاء، ونقول: إن وصول هؤلاء إلى ما وصولوا إليه هو من العلوم التجريبية التي أدركوها بتجاربهم، أما أن نُحرِّف القرآن لنُخضعه للدلالة على هذا؛ فهذا ليس بصحيح ولا يجوز.

٥٠ـ سئل الشيخ: ذكرتم ـ جزاكم الله خيرًا ـ أن الاعتماد على أقوال الرجال خطأ يضر طالب العلم فهل يفهم من هذا عدم التمذهب أو الرجوع إلى مذهب معيَّن فيما يشكل من أحكام؟

فأجاب فضيلته بقوله: التمذهب بمذهب معين إذا كان المقصود منه أن الإنسان يلتزم بهذا المذهب مُعرضًا عما سواه سواء كان الصواب في مذهبه أو مذهب غيره فهذا لا يجوز ولا أقول به. أما إذا كان الإنسان يريد أن ينتسب إلى مذهب معين لينتفع بما فيه من القواعد والضوابط ولكنه يرد ذلك إلى الكتاب والسنة، وإذا تبين

<<  <   >  >>