للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الأحاديث والآثار الكثيرة، والمعاني اللطيفة والفوائد الجمة" (١) .

وحذا حذوه في هذا المنهج ابن قتيبة (٢٧٦هـ) الذي تتبع ما فات أبا عبيد، فاستدرك عليه في كتابه المشهور، وكذلك أبو محمد قاسم بن ثابت العوفي السرقسطي (٣٠٢هـ) في الأندلس، وأبو سليمان حمد بن محمد الخطابي (٣٨٨هـ) في المشرق، وكلاهما استدرك على ابن قتيبة، ولم يطلع الثاني على كتاب الأول.

وهذه الكتب الأربعة هي أمهات هذا الفن، وإن لم يشتهر كتاب العوفي –مع علو منزلته- في بلاد المشرق، لتأخر وصوله إليها.

وقد دارت حول هذه الأصول الجليلة مؤلفات كثيرة لشرحها أو اختصارها، أو ترتيبها، أو إصلاح غلطها، أو الانتصار لها، أو تفسير شواهدها، أو جمعها وتلخيصها في كتاب واحد.

١- منهج إبراهيم الحربي

انتهج أبو إسحاق إبراهيم الحربي (٢٨٥هـ) في كتابه منهجاً بديعاً إذ أراد أن يجمع فيه بين نظام المسانيد عند علماء الحديث ونظام التقاليب الذي اخترعه الخليل بن أحمد (١٧٥هـ) ، فلم يسلم له هذا ولا ذاك. فإذا ذكر حديثاً من أحاديث صاحب المسند، ليفسر الكلمة الغريبة التي ورد فيها، أتبعه أحاديث من المسانيد الأخرى، وردت فيها ألفاظ من مادة الكلمة الأولى، وقد يقلب المادة ولا يكون في بعض تقاليبها حديث أو أثر، ولكنه يفسر ألفاظاً لغوية من تلك التقاليب (٢) .


(١) النهاية في غريب الحديث والأثر ١: ٦.
(٢) انظر تفصيل هذه الخلاصة في مقدمة المحقق لغريبه ١: ٩٢-٩٦.

<<  <   >  >>