للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عليها، ثم ألف في مختلف الفقه كتاباً آخر، وكلاهما لا يزيد على مائة ورقة.

وقصده بذلك نفع طلبة العلم بتقريب أصوله إليهم، وتسهيل طريق التحصيل عليهم، راجياً بذلك ثواب الله عز وجل.

وأراد بيان الحق أن يؤلف كتاباً في علم الحديث أيضاً ولكن لم يكن -مع ثنائه على المحدثين في كتابه خلق الإنسان (١) ، وكثرة استشهاده بالأحاديث في كتابيه إيجاز البيان، وباهر البرهان- من أصحاب الحديث المختصين بصناعته، وإنما اشتهر بعلوم التفسير والفقه والأدب واللغة، فرأى أن أقرب فنون الحديث إلى اهتماماته فن غريب الحديث، فجمع فيه كتاب جمل الغرائب، وذهب فيه مذهبه في مؤلفاته الأخرى التي ذكرت من قبل من الاختيار والاختصار. فقال في مقدمة الكتاب:

"وإذ كان علم الحديث بعد علم التفسير من بين العلوم أوضح مناراً وأزخر بحاراً، وأطيب منالاً وأرحب مجالاً، وأعم فقها وحكمة، وأتم خيراً وبركة، وأدنى من السداد، وأهدى إلى الرشاد، وكان تباعد أطرافه ربما يقعد بوارده في حلباته، وتفاوت ما بين أشواطه يبعد بفرسانه عن غاياته، سألت الله عز وجل التوفيق في جمع شتاته وشرح مشكلاته".

ويدخل في "المشكلات" مع الألفاظ والتراكيب الغريبة بعض ما يسمى "مشكل الحديث" أو "مختلف الحديث". وقد صنف العلماء في هذا الفن كتباً مستقلة، إلا أن كتب غريب الحديث أيضاً كانت تشتمل من القديم على تفسير بعض الأحاديث المشكلة.


(١) مقدمة تحقيق باهر البرهان: ٢٠٩.

<<  <   >  >>