للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عنه- مِنْ بعض طرقه مردود عليه بوجود ما يشهد له من الصحيح والحسن كما ترى.

كما أن حديث أبي هريرة السابق ينبغي أن يلاحظ فيه أمران متعلقان بموضوعنا:

الأمر الأول: المنافسة الظاهرة بين أبي هريرة وبين عبد الله بن عمرو رضي الله عنهم في حفظ ما تلقياه عن الرسول صلى الله عليه وسلم بما يدل على علو همة مَنْ تصدَّى لهذه المهمة من الصحابة الكرام، وحرصه على القيام بها على أتم وجه.

الأمر الثاني: توافر عوامل طريقتي الحفظ معًا وهما حفظ الصدور من أبي هريرة، وحفظ الصدور والسطور من عبد الله بن عمرو -رضي الله عن الجميع- بحيث لا يُظن من اقتصار أبي هريرة عن حفظ الصدور أن محصلته كانت أقل أو ضبطه كان أضعف.

وذلك لأن ابن الجوزي وغيره ذكروا أن أبا هريرة قد رُوي عنه (٥٣٧٤) حديثًا (١) في حين ذكروا أن عبد الله بن عمرو قد روي عنه (٧٠٠) حديث وقيل أقل من ذلك (٢) .

كما أن أبا هريرة أتيحت له فرصة ذهبية جعلت لحفظه مزية عليا حيث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدَّث يومًا وقال: " أيكم يبسط ثوبه فيأخذ من حديثي هذا، ثم يجمعه إلى صدره، فإنه لم ينس شيئًا سمعه؟ " قال أبو هريرة: فبسطت بردة عليّ حتى فرغ من حديثه، ثم جمعتها إلى صدري فما نسيت


(١) ينظر تلقيح فهوم أهل الأثر لابن الجوزي (٣٦٣) وسير النبلاء (٣/٥٩٤) .
(٢) تلقيح فهوم أهل الأثر: ٣٦٣.

<<  <   >  >>