[الفصل الثالث: نماذج لشواهد الصحف التي كتبت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم]
إذا كانت هذه الصحف قد ثبت كتابتها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليست أحاديثها كثيرة في محيط السنة وبحورها - فإن نظرة أعمق ترينا كثرة للأحاديث التي كتبت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلاقاً من هذه الصحف.
فالأحاديث الصحيحة والحسان التي أمامنا الآن في كتب السنة ومصنفاتها كثيرة، ولكن جذورها ليست بهذه الكثرة، وما هي إلا شواهد ومتابعات بعضها لبعض.
فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحديث فتلقفه عدد من الصحابة، وأصبح الحديث الواحد عدة أحاديث؛ حديث أبي هريرة، وحديث عائشة، وحديث أنس، وحديث ابن عباس ... وهكذا.
وكل صحابي تلقف عنه الحديث تلاميذه، فأبو هريرة قد يروي عنه الحديث الواحد همام والأعرج وابن سيرين وابن المسيب وغيرهم، ويصبح حديث أبي هريرة أحاديث، ويتعدد في بطون الكتب وعلى صفحاتها. ويخيل للمرء أنه أمام أحاديث، وهو كذلك في نظر المحدثين الذين يتعاملون مع الأسانيد واختلافاتها، وإذا اختلفت الأسانيد اختلف معها الأحاديث وإن كان متنها واحداً.