فتأمل في قوله:"مدونة في الجوامع" أي في كتب جامعة. وفي قوله:"ولا مرتبة":
أي ليست مرتبة كما كانت في المصنفات المرتبة بعد هذه الفترة. ولا يعني ذلك أن الحديث لم يكتب في صحف في القرن الأول الهجري ابتداء من عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومما يزيد الأمر وضوحاً أن ابن حجر قال بعد هذا:" ثم حدث في أواخر عصر التابعين تدوين الآثار وتبويب الأخبار ... فأول من جمع ذلك الربيع بن صبيح، وسعيد بن أبي عروبة وغيرهما، وكانوا يصنفون كل باب على حدة، إلى أن قام كبار أهل الطبقة الثالثة، فدونوا الأحكام"(١) .
فهذا النص في غاية من الأهمية في مسألة الكتابة والتدوين والتصنيف، فبالإضافة إلى قوله "مدونة في الجوامع" أي جمعت ما كان موجوداً، وقوله و"تبويب الأخبار" يعني أن هذه المرحلة لم تكن مرحلة الإنشاء، وإنما مرحلة التبويب.
بالإضافة إلى ذلك نجد أن قوله:"فأول من جمع ذلك" يفيد أن الجمع يعني أكثر من عمل التسجيل، وكأن هناك كتابات جمعت في هذا العصر.
وكذلك قوله "وكانوا يصنفون كل باب على حدة إلى أن قام كبار أهل الطبقة الثالثة، فدونوا الأحكام، فصنف الإمام مالك".