كل ما سمع، وأين ما سمعه الصديق والفاروق وغيرهما من كبار الصحابة رضي الله عنهم إلى ما رووه؟ فلم يرو عنه صديق الأمة مائة حديث، وهو لم يغب عن النبي صلى الله عليه وسلم في شيء من مشاهده، بل صحبه من حين بعث، بل قبل البعث إلى أن توفي.
فقول القائل: لو كان عند الصحابي في هذه الواقعة شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم لذكره، قول من لم يعرف سيرة القوم وأحوالهم، فإنهم كانوا يهابون الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعظمونها، ويقللونها خوف الزيادة والنقص، ويحدثون بالشيء سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم مرارا، ولا يصرحون بالسماع. فتلك الفتوى لا تخرج عن ستة أوجه:-
أحدها: أن يكون سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن يكون سمعها ممن سمعها منه.
الثالث: أن يكون فهمها من كتاب الله فهما خفي علينا.
الرابع: أن يكون قد اتفق عليها ملؤهم، ولم ينقل إلينا إلا قول المفتي.
الخامس: أن يكون لكمال علمه باللغة ودلالة اللفظ على الوجه الذي انفرد به عنا، أو لقرائن حالية اقترنت بالخطاب، أو لمجموع أمور فهموها على طول الزمان، من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ومشاهدة أفعاله وأحواله وسيرته، وعلى هذه التقادير يكون حجة يجب اتباعها.
السادس: أن يكون فهم ما لم يرده الرسول صلى الله عليه وسلم،