قال ابن القيم في إعلام الموقعين ": إذا قال الصحابي قولا، فإما أن يخالفه صحابي آخر أو لا، فإن خالفه مثله لم يكن قول أحدهما حجة على الآخر، وإن خالفه أعلم منه كالخلفاء الراشدين أو بعضهم، فهل يكون الشق الذي فيه الخلفاء أو بعضهم حجة على الآخرين؟ فيه قولان للعلماء، هما روايتان عن أحمد، والصحيح أنه أرجح. فإن كان الأربعة في شق فلا شك أنه الصواب، وإن كان أكثرهم في شق فالصواب فيه أغلب، فإن كانوا اثنين واثنين فشق أبي بكر وعمر أقرب إلى الصواب، فإن اختلفا فالصواب مع أبي بكر. وهذه جملة لا يعرف تفصيلها إلا من له خبرة وإطلاع، ويكفي في ذلك معرفة رجحان قول الصديق في الجد والإخوة، وكون الطلاق بفم واحد مرة واحدة، وإن تلفظ فيه بالثلاث، وجواز بيع أمهات الأولاد. ولا يحفظ للصديق خلاف نص واحد أبدا، ولا فتوى ولا حكم مأخذهما ضعيف أبدا.
وإن لم يخالف الصحابي صحابي آخر فإما أن يشتهر قوله في الصحابة أوْ لا; فإن اشتهر فالذي عليه جماهير الطوائف من الفقهاء أنه إجماع وحجة، وقالت طائفة منهم: هو حجة وليس بإجماع، وقال بعض الفقهاء المتأخرين، لا يكون إجماعا ولا حجة. وإن لم يشتهر أو لم يعلم هل اشتهر أم لا، فاختلف الناس هل يكون حجة؟