للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بينه وبين دين المشركين، فأبعده الله ١، خصوصا إن عرف أن قولهم: " تلك الغرانيق" الملائكة.

(الموضع الرابع) : قصة أبي طالب، فمن فهمها فهما حسنا، وتأمل إقراره بالتوحيد، وحث الناس عليه، وتسفيه عقول المشركين، ومحبته لمن أسلم وخلع الشرك، ثم بذل عمره وماله وأولاده وعشيرته في نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن مات، ثم صبره على المشقة العظيمة والعداوة البالغة ٢، لكن لما لم يدخل فيه، ولم يتبرأ من دينه الأول، لم يصر مسلما، مع أنه يعتذر من ذلك بأن فيه مسبة لأبيه عبد المطلب ولهاشم وغيرهما من مشايخهم. ثم مع قرابته ونصرته استغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى عليه: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} ٣. والذي يبين هذا أنه إذا عُرف رجل من أهل البصرة أو الإحساء بحب الدين وبحب المسلمين، مع أنه لم ينصر الدين بيد ولا مال، ولا له من الأعذار مثل ما لأبي طالب، وفهم الواقع من أكثر من يدعي الدين تبين له الهدى ٤


١ لفظ الجلالة من الدرر السنية ويوافق ثبوتها فيه ما في (مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم) للمؤلف ص ٢٤ طبعة دار العربية للطباعة والنشر (بيروت) .
٢ لفظ (والعداوة البالغة) من الدرر السنية (ج ٧ ص ٥٤) .
٣ سورة التوبة آية: ١١٣.
٤ قوله "تبين له الهدى" هو جواب "إذا" في قول المؤلف (والذي يبين هذا أنه إذا عرف رجل) ولفظ "رجل" فيما يظهر لي منصوب جرى المؤلف في كتابته هكذا بدون (ألف) على طريقة من يكتب المنصوب بصورة المرفوع إكتفاء بالحركة ويقرأه بالنصب وهي طريقة جمع من أهل الحديث كما أوضحه الزرقاني في شرح المواهب اللدنية في شرح حديث هند ابن أبي هالة في صفة النبي صلى الله عليه وسلم. وقد خفي هذا على بعض من علق على الكتاب فعلق على هذه العبارة بما نصه (ليس في بقية الكلام ما يصلح جوابا لإذا فهل سقط من الناسخ أم تعمد المصنف حذفه للعلم به وهو أنه كأبي طالب) .

<<  <   >  >>