وأقل عليها الكثيرون، وأخذوا بها وتفاعلوا معها، واستجابوا لها، فكانت الأمة الكبرى لهذه النهضات التي تعم بلاد العرب وبلاد المسلمين، فأحيت ميت الهمم، وأيقظت خامد النفوس.
وضرب الشيخ الأمثال على تجرده ونزاهته، وعلى أنه لم يرد من دعوته سوى وجه الله وحده، وإصلاح حال أمته، وإنقاذها من ظلمات الجهالة التي كانت تغمرها.
ولقي في بدء الدعوة من الأذى والعدوان والمقاومة ما يلقاه الدعاة والمصلحون من قومهم، فما تردد وما توقف، بل صابر وثابر، لم يخفه تهديد، وما ثناه وعيد، ولا أثرت في نفسه مغريات.
فشرّقت الدعوة وغرّبت، وكثر عدد المؤمنين بها، وازداد أنصارها، واستقام أمرها، فأزعج ذلك خصومها، وأقلق أعداءها، فتألبوا عليها، وجاءوا صفوفاً صفوفاً لقتالها، وإطفاء أنوارها، فحملت السيف للدفاع عن نفسها، وحماية كيانا، والدفاع عن النفس حق مشروع، أقرته جميع الأديان، وجاءت به جميع الشرائع.
وهذه الحقيقة تنقض قول خصومها، وتلقف ما افتروا وما زيّفوا، فالدعوة لم تعتمد على السيف، ولم تشتهر في وجه الذين لم يدخلوا فيها، بل اعتمدت عليه في الدفاع عن نفسها، ومقاومة أعدائها الذين تجمعوا لقتالها، وتنادوا لمقاومتها، والإجهاز عليها.
فما أغنت عنهم جهودهم، فارتدوا منهزمين، وتواروا خاسرين، وانتصرت.
تغلبت لأنها نور وحق، وطبيعة النور أن يسري ويعم وينتشر مهما حاولوا ستره وإخفاءه، ومهما أقاموا من الحواجز في طريقه. ومن شأن الحق أن يعلو ولا يعلى عليه"انتهى. وهذا آخر ما تيسَّر جمعه.
والحمد لله الذي قد مَنَّ بإتمام ما أراد تسطيره وتحريره من ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله، وأجزل لنا وله الثواب.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وجميع الأصحاب، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.