الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسائر أئمة الدين والهداة المخلصين والدعاة المصلحين.
أما بعد:
فلم يخف ما كانت عليه العرب قبل البعثة المحمدية من شقاء، وشرك، وكفر، وذل، وفقر، وانحطاط، وتفرق، وشتات.
لا شريعة سماوية إليها يرجعون، وعلى منهاجها يسيرون، ولا ملك يجمع كلمتهم ويعدل بينهم.
ولما أراد الله لهم السعادة، وإنقاذهم من مهاوي الذل والكفران؛ بعث الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم، فدعاهم إلى توحيد الخالق العليم، وأرشدهم إلى سلوك الصراط المستقيم، فدخلوا في دين الله أفراداً وجماعات، واعتنقوا هذا الدين الحنيف بحب وإخلاص، ومشوا على منهاجه القويم.
فتوحدت كلمتهم، وقويت شوكتهم، وعز سلطانهم، وفتحوا الأقطار، وأناروا الطريق للبشر، وهدوهم إلى السبيل الأقوم، ودانت لهم الأمم، ودخلوا في دين الله أفواجاً أفواجاً، وخفقت رايتهم من حدود أوروبا إلى الصين، وقوي سلطانهم، فأذل الله لهم الملوك الكافرين.
وذلك كله ببركة اتباعهم لكتاب الله المجيد والسنة المطهرة، واتصافهم بالأخلاق العظيمة والصفات الكريمة.